ما هي حدود طاعة الزوجة لزوجها؟ سؤال قد تطرحه العديد من الزوجات خاصة عندما يطالبها زوجها بالتقليل من زيارة الأهل أو الخروج أو الذهاب إلى العمل أو الامتناع عن تناول بعض الأطعمة، وهو ما دفعنا للبحث عن إجابة لهذا التساؤل. ويجيب الشيخ إبراهيم الفيومي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، عن هذا التساؤل، قائلا أن حدود طاعة الزوجة لزوجها واجبة ما لم يأمرها بحرام لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، مستشهدا بقول النبي الكريم "إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وأحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل لها ادخلي من أي أبواب الجنة شئت".
واستدل أيضا على كلامه بقول الرسول الكريم "لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت النساء أن يسجدن لأزواجهن لما جعل الله لهن عليهن من الحق"، وحديثه أيضا "أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة". ويجب أن نعلم أن الله سبحانه وتعالى قد جعل للزوج القوامة على زوجته، ولكن حدود طاعة الزوجة لزوجها ليست مطلقة، وإنما هي طاعة مقيدة، فهي لا تكون فيما خالف الشرع، ولا تكون فيما يضر بالمرأة أو يحمّلها فوق طاقتها.
ولا ينبغي للزوجة أن تصر على رأيها إن كان زوجها يرفضه، وحدود طاعة الزوجة لزوجها لا تعنى أن يمنع الزوج زوجته من فعل مباح لا يضيع حقا من حقوقه، فليس له منعها من أكل ما تريد من الحلال، إلا إذا كان يمنعه من الاستمتاع بها، كأكل ما له رائحة كريهة. ليس للزوج أن يمنعها من لبس ما يباح لها في غيبته، وليس له أن يجبرها على الخروج للعمل، ولو شرط عليها ذلك في العقد، لكن حدود طاعة الزوجة لزوجها تعطى الحق للزوج في منعها من الخروج للعمل أو غرض مباح وليس فيه ما يخالف الشرع، أو يخل بحق الزوج وذلك أن من حق الزوج على زوجته أن تلزم بيته ولا تخرج منه إلا بإذنه، إلا إذا كانت قد اشترطت عليه في العقد أن يأذن لها في الخروج للعمل.
وهنا تجدر الإشارة أنه إذا كان الأمر يتعلق بعبادة الزوجة الواجبة أو المستحبة وكان ذلك لا يؤثر على الزوج في تضييع حقوقه ، ولم يكن في فعلها إساءة له، فلا يجب عليها أن تفعل ما ليست مقتنعة به حتى وإن أمرها زوجها أن تفعله. أما إذا كانت المسألة تتعلق بعبادة أو طاعة من النوافل تؤثر على حقوقه، فلا يجوز لها فعلها ، بل قد نهيت عن ذلك ، كما هو الحال في صيام التطوع دون إذنه ، وكما لو خرجت من بيتها لصلة رحم أو زيارة مباحة دون إذنه، لأن في أفعالها تلك تضييعاً لحقوقه ، وهي غير آثمة بتركها ، بل تؤجر على طاعة ربها في إعطاء زوجها حقه بتركها من أجله.
كما نؤكد أيضًا أن كل ما تراه المرأة واجبًا أو حراماً أو بدعة، فلا طاعة للزوج بترك الواجب، أو فعل الحرام والبدعة، كما يحرم على الزوجة طاعة زوجها فيما حرم الله، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، ككشف وجهها أمام غير محارمها من الرجال ، سواء كانوا من أقاربه، أم أقاربها ، أم غيرهم ، في البيت أو خارجه. ويجب التأكيد هنا إلى أن الأصل في حدود طاعة الزوجة لزوجها هو التواد والتراحم، والتغاضي عن الهفوات، ومراعاة كل منهما لظروف الآخر، وألا يستبد الزوج بهذا الحق ويستغله في التقليل من زوجته والتي قد تصل إلى حد إهانتها أو استخدام العنف ضدها.
فالأسرة السعيدة هي التي يكون بين قطبيها المودة والألفة والحب والتفاهم، فأنتما لستما في معهد علمي، ولا جامعة لتجعلوا الأمور مبنية على المناقشات والمناكفات، بل عليكم أيها الزوجان أن تكونوا قدوة لأولادكم في اتباع الحق، والاختلاف بتعقل.